أبو سعيد الخدري هو سعد بن مالك بن سنان بن ثعلبة بن عبيد بن الأبجر بن عوف بن الحارث بن الخزرج من الصحابة وهو من ذرية الخزرج الأكبر فقيل له الخزرجي، وهو من الأنصار. أمه أنيسة بنت أبي حارثة من بني عدي النجار. اعتنق أبو سعيد الإسلام باكرا، فكان من الذين أسلموا قبل سن البوغ.
أستشهد أبوه مالك في معركة أحد، وشارك أبو سعيد معركة الخندق، وبيعة الرضوان. ويعتبر من رواة الحديث فقد روى أبو سعيد 1,170 حديثًا، اتفق البخاري ومسلم على ثلاثة وأربعين، وانفرد البخاري بستة عشر حديثًا، ومسلم باثنين وخمسين. لم يسمح له النبي بالقتال في غزوة أحد لصغر سنه. كان يعظ الخلفاء ويخلص لهم في النصيحة، توفي سنة 74هـ.
فى يوم هجرة محمد صلى الله عليه وسلم من مكه وحاولت قريش أن تمكر به وأجمتع الرأى فيهم على قتله ، خرج محمد الى المدينه ، فبثت قريش عيونها في سبل مكه وشعبانها، وبعثت رجالها تمسح الصحراء مسحا بغية إيجاد الرسول فلم يجدوا له أى اثر ، فعادوا الى عشائرهم وقد يأسوا منه فأذنت قريش في العرب ، أن من يرد علينا محمداً فله مائة من الابل. فقال سراقه: ما أحوجني الآن الى عشرين من هذه الإبل! فهل من سبيل الى مائة؟
فتريث سراقه حتى اذا انقضى الليل، أسحر سالكا طريق المدينه فسار فيه الى الصبح فلم يقع للقوم على اثر فعاد ادراجه يتبع طريق الساحل فلا يلقى فيه احداً حتى زالت شمس الظهيره وتسعرت الارض واحترق جوفه من العطش ، وكان طمع الحصول على النوق والإبل يحفزه فيعدو فرسه عدواً شديداً . ثم يدركه القنوط فيدع الفرس تمشي متباظئاً متخاذلاً..... حتى اذا بلغ منه التعب والعطش والجوع اليأس نظر فإذا عند الغار محمد وصاحبه فدبت القوه في بدنه، وعادت اليه الهمة والنشاط ، فصاح في الفرس فأنطلق نحو الغار كالسهم المرسل.
فقال أبو بكر : هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله وبكى . فقال رسول الله: وما يبكيك .
قال ابو بكر : ما والله على نفسي ابكي ولكن ابكي عليك.
فدعا عليه رسول الله وقال أكفينيه بما شئت فرقدت فرسه في الارض الى بطنها. فلما رأى سراقه ما رأى. وثب عن الفرس وقد طار الخوف بلبه وأبرأه الفزع من داء الطمع وصاح: يا محمد قد علمت ان هذا عملك فادع الله ان ينجيني مما انا فيه ، ولأأقول لمن ورائي عن موضعكما. فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنقذه الله . وكلمه رسول الله فقال له : كيف بك يا سراقه إذا لبست سواري كسرى؟
ورجع سراقه وقد اجتمعت عليه المتناقضات من الافكار و العواطف وهاج في نفسه الطمع والخوف و الامل واليأس و فجعل يقهقه في الباديه . يقول ماذا ؟ أيعدني محمد سواري كسرى ، كسرى ملك الملوك ، وهو هاربا من قومه ، متخفا في الغار ليس معه الا رجل واحد؟ أيبتلع هذا الغار ملك كسرى وجبروته وجلاله؟ أتنتصر هذه الصحراء على ملك كسرى وجناته وأنهاره؟أيغلب هذان المهجران كسرى على خزائنه وجنوده؟ ولو ان العرب اجتمعت كلها، ورمت عن قوس واحد ما نالت من كسرى منالاً على انها لن تجمع ابداً.
ومرت السنون تعقبها السنون. وكان يوم صائف متوقد، ففر سراقه من حره الى حائط له ، فما استقر فيه حتى سمع منادياً ينادي: ياسراقه بن مالك الجعشمي. يا سراقه. فصاح ان: لبيك . فقال له: أجب امير المؤمنين عمر ابن الخطاب.وإذا الشمس بين يدي عمر تأخذ الابصار ببريقها ولمعانها ، إذ بين يده تاج كسرى ومنطقته. قال عمر: هلم يا سراقه ..... أتذكر خبر الغار ، وسواري كسرى ؟ قال: نعم. قال: قد أذهب الله بالاسلام ملك كسرى، فلا كسرى بعد اليوم. هات يدك. فألبسه السوارين، وقال: ارفعهما فقل: الله اكبر. الحمد لله الذين سلبهما كسرى بن هرمز وألبسهما سراقه بن مالك، أعرابياً من بني مدلج. يا سراقه لقد انتصر المهاجران على كسرى و قيصر وكان لهما ملك الارض : ياسراقه، لقد أضاء النور الذي انبثق من بطن مكه الدنيا جميعاً . ياسراقه لقد ظفر الغار بالعراق و الشام ، وغلبت الصحراء العالم.
يا سراقه! لقد كان ملك كسرى وقيصر كبيراً وقوياً، ولكن الله مع الذين آمنوا، والله أقوى ياسراقه الله أكبر.